مغاربة العالم والأمل في تفعيل المادة السابعة عشر من الدستور المغربي
مصطفى قبلاني : صوت المهاجر
تسابق العديد من الأحزاب المغربية في السنوات الأخيرة إلى فتح فروع تمثيلية لها خارج أرض الوطن رغبة منها في توسيع رقعة شعبيتها وكسب ود وتعاطف امغاربة المجهر والاستعانة بهم لقلب موازين الاستحقاقات الإنتخابية لمترشحيهم للمجالس البرلمانية الاستشارية .
والملاحظ ومن خلال الاحتكاك بهؤلاء الممثلين،أن رؤساء الأحزاب لا يضعون معاييرا أو شروطا صعبة في إختيار هؤلاء الممثلين من أبناء الجالية فيتم اختيارهم بطريقة لا تستند إلى دراسة أو معاينة بل تستند فقط إلى تزكية من هو أقدم تمثيلا للحزب ببلدان إقامتهم.
فالكفاءة والإلمام بالقليل من أدبيات السياسة والاستقامة وحسن السيرة ليست من الأمور الضرورية للحصول على عضوية الحزب بالخارج،بل الضروري أن يكون المزكى ثرثارا يتقن فن الحديث ،فضوليا ينبش في أعراض الناس،جريئا لا يستحيي ولا مشكل إن كان أميا لا تعرف قراءة جملة ولا تقدر على كتابة إنشاء.
إن التزكية التي يحصل عليها ممثلي الأحزاب السياسية بالخارج أو ما يصطلح عليهم بالكراكيز والبيادق السياسية تكون في الغالب مرهونة بخدمة المصالح الشخصية لكلا الطرفين،بل تميل الكفة في الغالب إلى صالح أمناء الحزب الذين يستفيدون من الخدمات المجانية لممثليهم مع حرمانهم أيضا من المطالبة بأبسط حقوقهم ومناقشة مشاكلهم التي يتخبطون فيها مع بنو جلدتهم في وطنهم الأصل وبلدان احتضانهم.
ومن هذا المنطلق تتبادر إلى الذهن مجموعة من الأسئلة تبقى الإجابة عنها معلقة إلى حين ان يتمكن أبناء الوطن في المهجر من تأسيس حزب يمثلهم داخل المؤسسات الحكومية المغربية،لتفك بذلك شفرة الاستغلال والحرمان والوعود التي يسيقها رؤساء الأحزاب لممثليهم في اجتماعاتهم العادية و الاستثنائية أولا،ولعامة الناس في مهرجاناتهم الخطابية وندواتهم العلنية ثانيا.
فإذا كان الفصل السابع عشر (17) من الدستور المغربي ينص على أن يتمتع المغاربة المقيمون بالخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الإنتخابات ،ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للإنتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الإنتخابية والجهوية والوطنية.
كما يحدد القانون المعايير الخاصة بالأهلية للإنتخابات وحالات التنافي،كما يحدد شروط وكيفية الممارسة الفعلية لحق التصويت وحق الترشيح انطلاقا من بلدان الإقامة.وهنا نسأل:
1-ماهي حدود إمكانيات هؤلاء الممثلين للأحزاب السياسية من مغاربة العالم في إستغلال حقوقهم المشروعة بمطالبة رؤسائهم بتطبيق بنود القانون المذكور في أرض الواقع؟
2- هل لدى هؤلاء البيادق الجرأة في مناقشة الملفات المطلبية الغليظة والسمينة مع أمناء أحزابهم حتى يأخذوها بعين الإعتبار ويحملوها إلى قبة البرلمان لمناقشتها؟
3-ماذا لو ناقشوا حقوق المهاجر المهضومة داخل وطنه وخارجه؟
4-ماذا لو ذكروا رؤساءهم بمعاناة مغاربة العالم مع تكلفة الرحلات الجوية والبحرية والبرية خلال موسم العودة الصيفية أو الأيام العادية؟
5-ماذا لو ألزموا رؤساءهم بإصدار مذكرة وزارية تنظر في تكريم الموتى بنقلهم بدون شروط أو قيود إلى وطنهم الأصل لدفنهم وتطبيق القانون على المتجاوزين والمقصرين من المسؤولين في بلدان الاقامة؟
6- ماذا لو ناقشوا مع رؤسائهم إعادة النظر على الرسوم ومصاريف الحصول على الوثائق والشواهد الإدارية بالقنصليات والمؤسسات المعترف بها في الخارج؟
7-ماذا لو ذكروا رؤساءهم أن ملفات شكاوى مغاربة العالم مكدسة بالمحاكم والإدارات والمؤسسات الحكومية بالوطن ولا أحد ينظر إليها رغم بذل قصارى الجهود لتحريكها؟
8-ماذا لو تجرؤوا بالحديث عن فساد بعض المؤسسات بالخارج و سوء التسيير فيها وعن الامتيازات التي يحصل زبنائهم وإن لم يستحقوها؟
-ماذا …وماذا عن هجرة الأدمغة وتهميش الكفاءات المغربية بالخارج وإقصائها دون موجب حق؟
إن مغاربة العالم لا يجدون أنفسهم ولا يلمسون تطبيقا واقعيا للخطابات السامية التي يوليها صاحب الجلالة حفظه الله إلى جميع رعاياه بالخارج وكأن هؤلاء الأحزاب ومن يمثلهم ليسوا معنيون بها وأنها خطابات آنية محدودة الأجل ومنتهية الصلاحية.
وقبل الختام يمكننا القول أن مغاربة العالم يرون في هؤلاء الدكاكين السياسية التي تنتشر هنا وهناك عناصر لا يعول عليها لأن دورها محدودا يقتصر على برمجة اللقاءات لأمناء أحزابهم وتهيئ الأجواء والعمل على تنويم العقول بالكلام المعسول للحضور في مهرجاناتهم الخطابية وأخذ الصور وتبادل العناق والنفاق والتلذذ بلحظات السهر والمجون والغناء على أوتار جراح المهاجر الذي يرى فيه ذلك العملة الصعبة التي تساهم في بناء إقتصاد الوطن ليبقى حلم تحقيق الآمال بين سندان الغربة ومطرقة أوهام هذه الأحزاب التي استطاعت تصدير أزماتها إلى الخارج.