“يوم سيبقى في الذاكرة”. هكذا كتبت صحيفة “إلموندو” الإسبانية عن تدفق حوالي 3000 مهاجرا سريا، منهم 700 قاصر إلى مدينة سبتة المحتلة، بعد “توقف” الأمن المغربي عن منع المهاجرين الراغبين في العبور نحو سواحل سبتة.
ودون سابق إنذار، توجه آلاف من المهاجرين أغلبهم مغاربة إلى المعابر الحدودية الغير رسمية لمدينة سبتة حيث قام العديد منهم بالسباحة في المياه البردة نحو شواطىء المدينة التي تستعمرها إسبانيا منذ القرن السادس العشر الميلادي.
ويعتبر هذا التدفق البشري الأضخم من نوعه في تاريخ الهجرة السرية نحو سبتة المحتلة، حيث تفاجأت السلطات الإسبانية التي تدير المدينة من عدد المهاجرين الذين توافدوا لاجتياز السياج الفاصل بين المدينة ومنطقة الفنيدق واختراقهم لرجال الأمن الإسباني الذين ظلوا دون حراك من شدة “الصدمة”، كما تعامل رجال الأمن المغربي “ببرود شديد” مع العابرين نحو سبتة دون أن يقوموا بأي اعتراض لهم في مشهد لا يتكرر كل يوم.
وفي الوقت الذي قطع رئيس سبتة المحتلة، خوان فيفاس، رحلته إلى مدينة إشبيلية الأندلسية للمشاركة في اجتماع رسمي، وعاد على عجل إلى سبتة لعقد اجتماع طارئ بسبب الوضع “الخطير” الذي تشهده المدينة الغير مستوعبة ما جرى خلال الساعات الماضية، بدأت الصحافة الإسبانية تتحدث عن وجود “عقاب” مغربي لإسبانيا بعد أن أصرت على استضافة زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية للعلاج في مستشفياتها، حيث دخل بجواز سفر جزائري مزور وإسم مستعار.
وأكدت صحيفة “إلباييس” أن المغرب يضيق الخناق على إسبانيا، بعد أن تعاملت الأخيرة ببرودة مع مطالب وزارة الخارجية المغربية بضرورة توضيح موقف مدريد من استضافة إبراهيم غالي على أراضيها، وهو ما اعتبرته الرباط “استفزازا لها”.
وتحدثت الصحيفة عن كشف المخابرات المغربية للـ”الخطة الإسبانية التي فشلت” في إدخال زعيم البوليساريو بشكل “سري” إلى إحدى المستشفيات للعلاج، قبل أن تجد مدريد نفسها أمام تسريب المغرب لهذا الخبر للصحافة الدولية، وتبدأ ضغوطه على رسبانيا من أجل تقديم تبرير لهذا العمل “العدائي”.
وبسبب هذا الخلاف الذي ظهر بين مدريد والرباط، تقول الصحيفة الإسبانية، حذر المغرب من “الانتقام” وظهر ذلك جليا في بلاغ لوزارة الخارجية المغربية، وهو ما بدأ يتجسد فعليا، اليوم.
ونشرت العديد من الصحف الإسبانية مقالات تشير إلى أنّ ما جرى “لا يحدث كل يوم” حسب وصفها، مشيرة إلى أن مدريد لا بد لها أن تلجأ إلى الاتحاد الأوروبي لمواجهة الضغوط المغربية عليها، خصوصا وأنّ هذا الكم من المهاجرين “غير مسبوق” حتى في عز الأمات مع المغرب السابقة.
وحسب المعطيات، فقد جرى اجتماع طارئ للسلطات الأمنية في مدينة سبتة بتنسيق مع الحكومة في مدريد لتعزيز قوات الأمن في المنافذ التي لجأ إليها المهاجرون للدخول إلى المدينة، كما تقرر زيارة عدد أفراد رجال الأمن على حدود المدينة، مع محاولة التفاوض مع السلطات المغربية لإعادة المهاجرين الذين دخلوا سبتة، وعددهم يقارب 3000 شخصا في أقرب وقت.
واعتبر مسوؤل إسباني داخل المدينة أنهم “يشعرن بالإرهاق” مع العدد الهائل من المهاجرين الذين دخلوا سبتة، حيث المدينة تكاد تختنق بالآلاف منهم ممن وصلوا طيلة الشهور الماضية إلى المدينة، ولا توجد أماكن شاغرة لآخرين. مؤكدا لصحيفة “إلباييس” بالقول “ماذا سنفعل.. لا نعرف حقا ماذا سنفعل”.
وأشارت المصادر الإعلامية الإسبانية، أن رجال الأمن المغاربة تعاملوا بعدم اكتراث كبير مع الراغبين في دخول المدينة، وهو ما اعتبرته فعاليات إسبانية بالـ”الفعل السلبي الغير عادي”.
وينتظر أن تعاني مدينة سبتة أزمة حقيقة غير مسبوقة، قد تصل إلى حد “الاختناق” بفعل أزمتها الاقتصادية ومحدودية ميزانيتها لتدبير مأوى ومأكل ورعاية هذا العدد الهائل من المهاجرين السريين، خصوصا وأن العدد مرشح للارتفاع في القادم من الساعات.
في سياق مرتبط، بدأت العديد من الأحزاب الإسبانية تدخل على الخط، حيث أكد زعيم حزب “الشعب”، بابلو كاسادو، دعمه للسلطات المحلية في مدينة سبتة، في حين حث حزب “فوكس” اليميني الحكومة المحلية إلى “الطرد الفوري للمهاجرين الذين دخلوا المدينة”.